قال الشافعي (١): (إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة، وفرض فيهم فرائض أثبتها، وأخرى نسخها؛ رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم، وبالتوسعة عليهم، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه، فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه) (٢).
المسألة الرابعة:
معنى {أَوْ مِثْلِهَا}، وما فائدة التبديل بالمثل؟.
ذكر ابن عقيل أنه في السهولة أو الصعوبة أو المثوبة، وهذا هو ما ذكره عامة المفسرين.
قال الماوردي: (يعني مثل حكمها، في الخفة والثقل والثواب والأجر) (٣).
وقال البغوي: (في المنفعة والثواب) (٤).
وذَكَر ابن عقيل فائدة التبديل بمثلها بقوله: (إما زوال الملل؛ فإن النفوس قد تمل، فإذا انتقلت إلى غيرٍ سهل عليها التكليف، فإن المغايرة تخفف الأفعال. وقد تكون مثلاً لها في السهولة والأجر، لكن يحصل بتغيرها وتبديلها بغيرها زيادة تعبد، وهو التسليم والتحكم لأمر الله في تغيير أحكامه، ونقل عباده من عبادة إلى عبادة من غير لوم ولا اعتراض) (٥).
وقال ابن الجوزي: (فتكون الحكمة في تبديلها بمثلها الاختبار) (٦).
(١) هو الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي، مكي الأصل مصري الدار، مات سنة ٢٠٤ هـ، له ترجمة في: الجرح والتعديل ٧/ ٢٠١ (١١٣٠)، تهذيب الكمال ٢٤/ ٣٥٥.
(٢) الرسالة ص ١٠٦.
(٣) النكت والعيون ١/ ١٧١.
(٤) معالم التنزيل ١/ ٦٧، ومثله ذكر ابن الجوزي في زاد المسير ١/ ١١١.
(٥) الواضح ١/ ٢٥٥.
(٦) زاد المسير ١/ ١١١.