الدراسة:
فسر ابن عقيل اللام في هذه الآية بـعلى، ففيه النهي عن رفع الصوت على النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)؛ لأن على تفيد الاستعلاء. وهو تفسير ابن قتيبة حيث قال: ({وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} الحجرات:٢ أي: لا تجهروا عليه بالقول. والعرب تقول: سقط فلان لفيه، أي على فيه) (٢).
وقال أبو يعلى مثله (٣)، وأشار إليه القرطبي (٤)، وغيرهم (٥).
وأكثر العلماء لا يشيرون في تفاسيرهم إلى معنى اللام، ولعل ذلك إبقاء لها على بابها، وهو الأقرب عندي:
قال الطبري: ({وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} الحجرات:٢ يقول: ولا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضاً باسمه؛ يا محمد؛ يا محمد، ولكن قولاً ليناً وخطاباً حسناً، بتعظيم له وتوقير وإجلال؛ يا نبي الله؛ يا رسول الله، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) (٦).
وقال السمرقندي: (ثم قال: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} الحجرات:٢ يعني: لا تدعوه باسمه كما يدعو الرجل الرجل منكم باسمه، ولكن عظموه ووقروه وقولوا: يا رسول الله؛ يا نبي الله) (٧).
وقال الواحدي: (لاتنزلوه منزلة بعضكم من بعض؛ فتقولوا: يا محمد، ولكن خاطبوه بالنبوة والسكينة والإعظام) (٨).
فقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} الحجرات:٢ جاءت بعد جملة {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الحجرات:٢ فالأولى أن لا تفسر اللام بـعلى لئلا يكون معنى الجملتين واحداً.
(١) ينظر: زاد المسير ٧/ ٢٢٠.
(٢) تأويل مشكل القرآن ص ٢٩٩.
(٣) العدة ١/ ٢١٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٣٠٦.
(٥) ينظر: الجنى الداني ص ١٠٠، مغني اللبيب ص ٢١٥.
(٦) جامع البيان ٢١/ ٣٣٨.
(٧) تفسير السمرقندي ٣/ ٣٠٧.
(٨) الوجيز ٢/ ١٠١٦.