فجمع الطبري بين القولين على أنهما قولاً واحداً، وهذا بديع في تفسير كلام الله جل وعلا.
فإن قال قائل: فما السر في استعمال اللام مكان إلى؟.
فالجواب أن يقال:
١ - لقرب اللام من إلى في اللفظ والمعنى كما سبق، فأيهما كان أولى في سياق الآية كان استعماله أجدر وأحرى.
٢ - أن اختيار اللام دون إلى لمراعاة فواصل الآيات، وهذا من أقوى الأوجه في نظري؛ لأن الفواصل لها اعتبارها في كثير من خواتم الآيات في القرآن مع ما يرتبط بها من معان أخرى قد نعلم منها اليسير ويخفى علينا الكثير، وقد أشار بعض العلماء إلى شيء من ذلك في هذه الآية التي معنا.
٣ - أن التعدية باللام لتضمين أوحى معنى قال وإنما عدل عن فعل قال لها إلى فعل أوحى لها لأنه حكاية تكوين لا عن قول لفظي (١).
٤ - أن الوحي للأرض أمر خاص لها على سبيل التسخير، وهو ما يفسر به مجيئه هنا متعدياً باللام من بين ما يقرب من سبعين موضعاً كلها عديت بـإلى (٢).
٥ - قال الرازي: (لعله إنما قال: لها أي: فعلنا ذلك لأجلها، حتى تتوسل الأرض بذلك إلى التشفي من العصاة) (٣). بمعنى: أن اللام على بابها، والموحى إليه محذوف، وهو الملائكة، والتقدير: أوحى إلى الملائكة لأجل الأرض، أي: لأجل ما يفعلون فيها، وفي هذا من التكلف ما فيه.
(١) ينظر: التحرير والتنوير ٣٠/ ٤٩٣.
(٢) ينظر: المفردات ص ٤٩٨، من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص ٢٣٣.
(٣) التفسير الكبير ٣٢/ ٥٧، وينظر: روح المعاني ٣٠/ ٢١٠.