وقال ابن القيم في قبول تفسير الصحابة: (لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم) (١).
ومن أنواع تفسير الصحابة للقرآن تخصيص عمومه، وهذا مبني على ما قبله من مصادر الصحابة في التفسير، فهم يرجعون للقرآن ثم للسنة ثم للغة العربية مع ما لديهم من ملكة الاجتهاد وقوة الاستنباط (٢).
ومن الأمثلة التي استدل بها ابن عقيل على تخصيص الصحابة لعموم القرآن:
- قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} النساء:١١.
قال ابن عقيل: (احتجت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعموم آية المواريث على أبي بكر الصديق لما منعها ميراث أبيها، فلم ينكر عليها احتجاجها بالآية، بل عدل إلى ما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من دليل التخصيص، وهو قوله: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة " (٣)) (٤).
- قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} النساء:٢٤.
استدل بها ابن عقيل على جواز تخصيص الكتاب بالسنة بتخصيص الصحابة لها: بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " (٥) (٦).
(١) أعلام الموقعين ٤/ ١١٧.
(٢) ينظر: التفسير والمفسرون ١/ ٤٢، فصول في أصول التفسير ص ٣٠.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب فرض الخمس (٣٠٩٤)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير (١٧٥٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) ينظر: الواضح ٣/ ٣١٨، ٣٧٩.
(٥) سيأتي تخريجه في موضعه.
(٦) الواضح ٣/ ٣٧٩، ١/ ١٩٢.