المطلب الثاني دفع موهم التناقض
لما كان الصحابة أقرب الناس إلى فهم التنزيل، فهم مرجع للعلماء في دفع ما يوهم التناقض بين الآيات.
ومن الأمثلة التي ذكرها ابن عقيل في هذا المعنى ما يلي:
- قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)} الرحمن:٣٩، وقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)} الحجر:٩٢.
قال ابن عقيل: (قال ابن عباس: يُسألون في موضع، ولا يُسألون في موضع، يعني بذلك اختلاف المقامات، فإن القيامة ذات مقامات مختلفة) (١).
- قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} المؤمنون:٦ وقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} النساء:٢٣.
قال ابن عقيل: (لما اختلف علي وعثمان في الجمع بين الأختين - يعني المملوكتين -، فقال عثمان: يجوز، واحتج بعموم قوله: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} المؤمنون:٦، وقال: علي: لا يجوز، واحتج بعموم قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} النساء:٢٣) (٢).
ومما يلاحظ في نقل ابن عقيل لأقوال الصحابة والتابعين ما يلي:
١ - الاهتمام بالاستدلال بأقوال الصحابة والتابعين، وبيان شيء مما اختلفوا فيه (٣).
٢ - نقل بعض المعاني اللغوية في الآيات عن الصحابة (٤).
٣ - الإشارة إلى تفاسير الصحابة للمسائل الفقهية في القرآن (٥).
٤ - الإشارة بقلة إلى تفاسير بعض التابعين (٦).
(١) الواضح ٣/ ٤٥٦.
(٢) الواضح ٣/ ٣١٨.
(٣) ينظر: الواضح ٣/ ٢٧٦، ٣١٨، ٥/ ٣١٦ وما بعدها.
(٤) ينظر: الفنون ٢/ ٤٨٢، ٦٠١.
(٥) ينظر: الواضح ٣/ ٢٦٩، ٢٧١.
(٦) ينظر: الواضح ٤/ ٣٧٠، الفنون ٢/ ٦٧١.