(شرح مشكل الآثار - ٩/ ١٦٨)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله تعالى: {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} البقرة:١٥٩ أي: طردهم عنه، وإبعادهم منه.
وما ذكره الإمام الطحاوي في المراد بالآية هو قول: جمهور المفسرين.
قال ابن فارس: (اللام والعين والنون - أصل صحيح، يدل على إبعاد وطرد. وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته، واستحق عقوبته). (١)
وهذه الآية نزلت: في شأن رؤساء اليهود ككعب بن الأشرف ومالك بن الصيف، حيث كانوا يخفون عن الناس ما أنزل الله جلّ وعلا في التوارة من بيان للحلال والحرام وبيان لأمر الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وبهذا الكتمان للحق استحقوا لعنة الله والخلق أجمعين. (٢)
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)} البقرة:١٧٨
قال أبو جعفر الطحاوي: قال الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} البقرة:١٧٨.
فأعلمنا الله عزّ وجلّ أن الذي كتب مما معناه فرض في قتلانا، فأمن عقوبة قاتليهم، هو القصاص بغير ذكر منه في هذه الآية مع ذلك غيره.
(١) انظر: معجم مقاييس اللغة (٥/ ٢٥٢). وتهذيب اللغة (٢/ ٣٩٦).
(٢) تفسير السمرقندي (١/ ١٧١).