قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أصيب بدم أو بخبل - يعني بالخبل الجراح - فوليه بالخيار بين إحدى ثلاث: بين أن يعفو، أو يقتص، أو يأخذ الدية، فإن أبى الرابعة، فخذوا على يديه، فإن قبل واحدة منهن، ثم عدا بعد ذلك، فله النار خالداً فيها مخلداً). (١)
قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث: أن ولي المقتول بالخيار بين أن يعفو أو يقتص، أو يأخذ الدية، فكان معقولاً في ذلك أن عفوه لا أخذ دية معه، كما أن أخذه الدية لا عفو معه، ففسد بذلك هذا القول أيضاً.
ثم ثلثنا بما قال الأوزاعي: من إيجابه للولي أخذ الدية من القاتل شاء أو أبى، بعد وقوفنا على ما في الآية التي تلونا، وهي أن الله عزّ وجلّ إنما كتب علينا في قتلانا القصاص لا ما سواه، وكان معقولاً أن لا يتحول الحق الذي جعله الله له إلى ما سواه إلا برضا من يتحول عليه بذلك، ففسد بذلك هذا القول أيضاً.
ولم يبق في هذا الباب غير القول الذي قد ذكرنا فيه عن الطائفة الأولى، وهو القصاص، وأن لا يتحول إلى ما سواه إلا برضا القاتل، ومن له الدم جميعاً بذلك، والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار -١٢/ ٤٢٣ - ٤٢٧)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي مسألة هل يشترط رضى القاتل في الانتقال من القود (٢) إلى الدية.
(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الديات - باب: الإمام يأمر بالعفو في الدم - (حـ ٤٤٩٦ - ٤/ ٦٣٦) -
وابن ماجة في سننه - كتاب: الديات - باب: من قتل نفسه فهو بالخيار بين إحدى ثلاث - (حـ ٢٦٥٤ - ٢/ ١٠٠).
(٢) (القود) هو: القصاص، وقد اقدت ولي الدم من قاتل وليه، إذا مكنته من قتله، (انظر: منال الطالب لابن الأثير - ٢٣١).