ب - يحمل على أنه قول منسوخ بالآية، وبقول عائشة - رضي الله عنها -، وأنه كان في أول الأمر حين كان الجماع والأكل والشراب محرماً في الليل بعد النوم، ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة، فكان يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ فرجع إليه. (١)
وإلى دعوى النسخ، ذهب: ابن المنذر - والخطابي - وابن دقيق العيد - وابن حجر - وغيرهم. (٢).
ورد هذا الاحتمال: بأن من ادعى النسخ لا تاريخ معه يثبت صحة ذلك. (٣)
ج - يحمل على أنه إرشاد إلى الأفضل، فالأفضل أن يغتسل قبل الفجر. فلو خالف ذلك جاز، ولذلك فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز. (٤)
وهذا الاحتمال هو الأقرب، جمعاً بين الأقوال.
وحديث عائشة أولى بالاعتماد، لأنها أعلم بمثل هذا من غيرها، ولأن قولها هو الموافق لظاهر القرآن.
القول الثالث: أن من طلع عليه الفجر وهو جنب، وكان عالماً بجنابته: فلا صوم له.
- وهذا قول: عروة بن الزبير - وعطاء - وطاووس - والنخعي. (٥)
القول الرابع: أن من طلع عليه الفجر وهو جنب: فإنه يتم صومه ويقضي.
- وهذا قول: الحسن البصري - وسالم بن عبد الله. (٦)
الترجيح: والراجح هو القول بصحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، لظاهر الأدلة المتقدمة. وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المسألة. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)} البقرة:١٩٥
(١) شرح صحيح مسلم للنووي (٠٧/ ٢٢١) ..
(٢) فتح الباري (٤/ ١٧٥).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٢٢٩).
(٤) شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ٢٢١).
(٥) انظر: تفسير القرطبي (٢/ ٣٢٥) - وشرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ٢٢٢).
(٦) المغني لابن قدامة (٤/ ٣٩٢).