الدراسة
أجاب الإمام الطحاوي عن إشكال يرد على قوله تعالى: {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} البقرة:٢٠٣، وهذا الإشكال هو: كيف ينفي الله جل وعلا الإثم عمن أتم المناسك، وأكمل أيام منى ثلاثة أيام، مع أن مثل هذا هو في مقام من يستحق الثواب وليس في مقام من ينفى عنه العقاب؟
أجاب الإمام الطحاوي عن ذلك، ببيان أن المتأخر لما كان تاركاً لرخصة الله عز وجل في جواز التعجل، رفع الله عنه الإثم في ذلك.
- وقد أجاب المفسرون عن هذا الإشكال الوارد على الآية بالأجوبة التالية:
١ - أن قوله تعالى: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} البقرة:٢٠٣ نفي عام، وتبرئة مطلقة، وعليه فالمراد بالآية: أن من تعجل في يومين فمغفور له لا إثم عليه، ومن تأخر فمغفور له لا إثم عليه.
- وهذا قول: علي بن أبي طالب - وابن مسعود - وأبي ذر - رضي الله عنهم. (١)
- وهذا القول مؤيد بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه). (٢)
٢ - أن المراد بقوله جل وعلا: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} البقرة:٢٠٣: أن الله جل وعلا لما أذن في التعجل على سبيل الرخصة احتمل أن يخطر ببال قوم أن من لم يجر على موجب هذه الرخصة فإنه يأثم، فلما كان هذا الاحتمال قائماً. أزال الله تعالى هذه الشبهة، وبين أن لا إثم في الأمرين، فإن شاء استعجل وجرى على موجب الرخصة، وإن شاء لم يستعجل، ولم يجر على موجب الرخصة، إذ لا إثم عليه في الأمرين جميعاً.
(١) انظر: تفسير الماوردي (١/ ٢٦٤) وتفسير ابن عطية (٢/ ١٣٥) وتفسير أبي حيان (٢/ ٣٢٢).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب: فضل الحج المبرور - (حـ ١٤٤٩ - ٣/ ٥٥٣)
والنسائي في سننه - كتاب: المناسك - باب: فضل الحج - (حـ ٢٦٢٦ - ٥/ ١٢٠).