١ - ماروي في سبب نزول هذه الآية: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أن رجلاً أتى امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة:٢٢٣ (١).
٢ - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} المؤمنون:٥ - ٦
فدلت الآية على جواز الإتيان في الدبر، لأن العموم يقتضي الإباحة.
- وهذا القول ظاهر الفساد من وجوه عدة:-
١ - أن سالم بن عبد الله لمابلغه أن نافعاً تحدث بذلك عن بن عمر رضي الله عنه قال: كذب العبد إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن. كما أن ابن عباس رضي الله عنه، عند ما سمع هذا عن ابن عمر وهمه فيه، كما أنه قد روي عنه خلاف ذلك، وتكفيره لمن فعله، وهذا هو اللائق به رضي الله عنه.
وأما مالك فقد تبرأ من ذلك، وقال إنما الحرث في موضع الزرع، كما أنكر أصحابه أن يكون هذا من قوله (٢).
وبناء على هذا فإن السبب الوارد عن ابن عمر في الآية غير محتج به في المراد بها، ويبقي السبب الوراد عن جابر رضي الله عنه هو السبب الصحيح الدال على المراد بالآية.
٢ - أن الآية دالة بلفظها على بطلان هذا القول، فإن الآية نبهت على أن محل الولد الفرج، بقوله جل ذكره (فأتوا حرثكم) فلا يجوز أن يقع الوطء في محل لا يكون منه الولد، وعليه فلا يجوز حمل (أنى شئتم) على التخيير في المكان. (٣).
(١) أخرجه النسائي في عشرة النساء (٩٥) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (حـ ٦١١٧ - ١٥/ ٤١٠).
(٢) انظر: فتح الباري (٨/ ١٨٩) وتفسير ابن جزي (١/ ١٠٩). وتفسير القرطبي (٣/ ٩٣) وتفسير ابن عطية (٢/ ٢٥٦).
(٣) تفسير الرزاي (٦/ ٧٤).