أن ظاهر الآية يوجب الاعتداد بثلاثة قروء كاملة، وهذا يتحقق متى كان المراد بالقروء الحيض لا الأطهار. (١)
٢ - أن قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة:٢٢٨، دل على أنه جل وعلا أراد الطهر المذكر، ولو أراد الحيضة المؤنثة لاسقط التاء - وقال: (ثلاث قروء)، لأن التاء تثبت في عدد المذكر من الثلاثة إلى العشرة وتسقط في عدد المؤنث. (٢)
- الرد على هذا الاستدال: أن لفظ (القرء) مذكر، ومسماه مؤنث وهو الحيضة، (فالتاء) جيء بها مراعاة للفظ المذكر، لا للمعنى المؤنث. (٣)
٣ - قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} الطلاق:١ فقوله تعالى: (لعدتهن) المراد: في عدّتهنّ، وفي ذلك إشارة إلى الطهر، فدل ذلك على أن العدة بالطهر، وقال: (أحصوا العدة) فأمر بالإحصاء عقب الطهر، فيكون المحصى بقية الطهر.
- الرد على هذا الاستدلال:
أ- أن (في) ظرف، (واللام) وإن كانت متصرفة على معان، فليس في أقسامها التي تتصرف عليها كونها ظرفاً.
ب- أنه إن كان المعنى: (في عدتهن)، فإنه يجب أن تكون العدة موجودة حتى يطلقها فيها.
كما لو قال قائل (طلقها في شهر رجب) لم يجز له ن يطلقها قبل أن يوجد من الشهر شيء.
ج- أن الإحصاء ليس بمختص بالطهر دون الحيض، لأن كل ذي عدد فالإحصاء يلحقه.
وقد اعتُرض على هذا الرد: بأن الذي يلي الطلاق هو الطهر، وقد أُمِرنا بالإحصاء، فوجب أن ينصرف الأمر بالإحصاء إلى الطهر، لأن الأمر على الفور (٤)
- الرد على هذا الاعتراض: أن الإحصاء إنما ينصرف إلى أشياء ذوي عدد، فأما أن ينصرف إلى شيء واحد قبل انضمام غيره إليه، فلا عبرة بإحصائه.
(١) تفسير الرازي (٦/ ٨٩)
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ١٨٥).
(٣) تفسير الشنقيطي (١/ ١١٠).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٧٠).