ومعنى البيت: أنه كان يخرج إلى الغزو ولم يغشى نساءه، فتضيع أقراؤهن، وإنما يضيع بالسفر زمان الطهر، لا زمان الحيض. فدل البيت على أن القرء يأتي بمعنى الطهر.
فكلمة القرء كلمة محتملة للطهر والحيض احتمالاً واحداً، وعليه فلا يكون الترجيح بالرجوع إلى الأصل اللغوي لهذه الكلمة، ومن هنا نشأ الخلاف في المراد بـ (القروء) في الآية. (١)
الأقوال الواردة في المراد بـ (القروء) في الآية:
القول الأول: أن المراد بـ (القرء) الذي أمر الله تعالى ذكره المطلقات أن يعتددن به هو (الطهر) فمتى دخلت المرأة في الحيضة الثالثة فلا سبيل للزوج عليها.
- وهذا قول: الزهري - ومالك بن أنس - والشافعي - وأبي ثور (٢)
- ومن أدلة هذا القول:
١ - أن ظاهر قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة:٢٢٨ يقتضي أنها إذا اعتدت بثلاثة أشياء تسمى أقراء، أن تخرج عن العهدة، وكل واحد من الطهر والحيض يسمى بهذا الاسم، فوجب أن تخرج المرأة عن العهدة بأيهما كان على سبيل التخيير. إلا أنا بينا أن مدة العدة بالأطهار أقل من مدة العدة بالحيض، فعلى هذا تكون المرأة مخيرة بين أن تعتد بالمدة الناقصة أو بالمدة الزائدة. وإذا كان الأمر كذلك كانت المرأة متمكنة من أن تترك القدر الزائد لا إلى بدل، وكل ما كان كذلك لم يكن واجباً. فإذاً الاعتداد بالقدر الزائد على مدة الأطهار غير واجب، وذلك يقتضي أن يكون الاعتداد بمدة الحيض غير واجب، والاعتداد بمدة الأطهار واجب.
- الرد على هذا الاستدلال:
(١) انظر: معجم مقاييس اللغة (٥/ ٧٩) وتهذيب اللغة (٩/ ٢٧١)، ومعاني القرآن اللنحاس (١/ ١٩٦) - وتحفة الأريب لأبي حيان (٢٥٤).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٢/ ٤٥٢) - وتفسير الماوردي (١/ ٢٩١). ومعاني القرآن للنحاس (١/ ١٩٥).