٣ - أن (العفو) إنما يطلق على ملك الإنسان، وعفو الولي، عفو عما لا يملك، فلو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق، لم يجز، فكذلك بعده، لعدم صحة عفوه.
٤ - أن الله جل وعلا قال: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} البقرة:٢٣٧ والفضل في هبة الإنسان مال نفسه لا مال غيره. فغير جائز للولي هبة شيء من مال الزوجة للزوج ولا لغيره، فكذلك مهرها لأنه مالها، فلا أحد يستحق الولاية على غيره في هبة ماله. (١)
الترجيح: والقول الراجح هو أن المراد بقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة:٢٣٧ هو: الزوج، وذلك لما يلي:
١ - قوة أدلة هذا القول وعدم ثبوت المعارض، خلافاً للقول الثاني.
٢ - أن في القول بأن المراد بالآية (الولي) تكراراً للمعنى المتقدم في الآية، لأن عفو الولي هو بذاته عفو المرأة، خلافاً لعفو الزوج، فيكون هو المراد.
٣ - لما رواه محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه: (أنه تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، فأكمل الصداق لها، وقال أنا أحق بالعفو). (٢) وهذا يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم - فهموا من الآية، أن المراد بالعفو هو الصادر من الزوج، لا الصادر من الولي.
وبهذا يتبين أن ما بدأ به الإمام الطحاوي من الأقوال هو القول الصواب في المراد بالآية.
والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} البقرة:٢٣٨.
قال أبو جعفر الطحاوي: عن الزبرقان (٣)
(١) تفسير ابن الجوزي (١/ ٢٤٨).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (سورة البقرة - ٢٣٧) (حـ ٥٣٢٦ - ٢/ ٥٦١).
(٣) الزبرقان هو: الزِّبرقان بن عمرو بن أمية الضمري، ذكره ابن حبان في كتابه الثقات، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
(تهذيب الكمال ٣/ ٩).