قال: إن رهطاً من قريش اجتمعوا، فمر: بهم زيد بن ثابت، فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى، فقال: (هي الظهر).
فقام إليه رجلان منهم، فقال: (هي الظهر)، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم، وتجارتهم، فأنزل الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} البقرة:٢٣٨ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم). (١)
عن عبد الرحمن بن أفلح، (٢) أن نفراً من أصحابه أرسلوه إلى عبد الله بن عمر يسأله، عن الصلاة الوسطى، فقال: اقرأ عليهم السلام، وأخبرهم أنا كنا نتحدث أنها التي في إثر الضحى.
قال: فردوني إليه الثانية، فقلت: يقرؤن عليك السلام، ويقولون بين لنا أي صلاة هي؟
فقال: اقرأ عليهم السلام وأخبرهم أنا كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، قال: وقد عرفناها: (هي الظهر).
قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى ما ذكرنا، فقالوا: هي الظهر، واحتجوا في ذلك بما احتج به زيد بن ثابت، على ما ذكرناه عنه، وبما رويناه في ذلك عن ابن عمر.
وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: أما حديث زيد بن ثابت، فليس فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قوله: (لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم) وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يجتمع معه إلا الصف والصفان، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
فاستدل هو بذلك على أنها الظهر، فهذا قول من زيد بن ثابت، ولم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (حـ ٣٥٦ - ١/ ١٥١) وأحمد في مسنده (٥/ ٢٠٦).
(٢) عبد الرحمن هو: أبو محمد عبد الرحمن بن أفلح، مولى أبي أيوب الأنصاري (الجرح والتعديل - ٥/ ٢١٠).