قال: (كانوا يتكلمون في الصلاة، حتى نزلت هذه الآية) فالقنوت السكوت، والقنوت الطاعة
وعن مجاهد في هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} البقرة:٢٣٨ قال: (من القنوت الركوع والسجود وخفض الجناح، وغض البصر من رهبة الله)
وعن عامر الشعبي، قال: (لو كان القنوت كما تقولون، لم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - منه شيء، إنما القنوت الطاعة، يعني: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} الأحزاب:٣١
وعن أبي الأشهب (١) قال: (سألت جابر بن زيد (٢) عن القنوت، فقال الصلاة كلها قنوت، أما الذي تصنعون فلا أدري ما هو).
فهذا زيد بن أرقم ومن ذكرنا معه، يخبرون أن ذلك القنوت الذي أمر به في هذه الآية، هو السكوت عن الكلام الذي كانوا يتكلمون به في الصلاة.
فيخرج بذلك أن يكون في هذه الآية دليل على أن القنوت المذكور فيها، هو القنوت المفعول في صلاة الصبح، وقد أنكر قوم أن يكون ابن عباس كان يقنت في صلاة الصبح
فلو كان هذا القنوت المذكور في هذه الآية، هو القنوت في صلاة الصبح إذاً لما تركه، إذا كان قد أمر به الكتاب.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الذي ذهب إليه في ذلك، معنى آخر
عن ابن عباس قال: (الصلاة الوسطى هي الصبح، فصل بين سواد الليل وبياض النهار).
فهذا ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن الذي جعل صلاة الغداة به، هي الصلاة الوسطى، هذه هي العلة.
(١) أبو الأشهب هو: جعفر بن حيان العطاردي البصري، وثقة أبو حاتم وغيره، وكانت وفاته سنة (١٦٥ هـ). (تهذيب الكمال -١/ ٤٥٨).
(٢) جابر هو: أبو الشّعْثاء جابر بن زيد الأزدي اليحمدي البصري، وثقة أبو زرعة وغيره، وكانت وفاته سنة (٩٣ هـ).
(تهذيب الكمال -١/ ٤٢٣).