- ودليل هذا القول: أن قوله جل وعلا:: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} البقرة:٢٣٨ يعم الفرض والنفل، ثم خص الفرض منها بالذكر فقال:: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} البقرة:٢٣٨ أي: والصلاة الفرض، فخص الصلوات المفروضة بمزيد من التأكيد في المحافظة عليها. (١)
- القول السابع: أن المراد بالصلاة الوسطى: إحدى الصلوات الخمس المفروضة، لا تعرف بعينها، ليكون في ذلك حث للعباد على المحافظة على جميع الصلوات. كما أخفيت ليلة القدر في شهر رمضان ليجتهد العباد في كامل الشهر، وكما أخفيت ساعة إجابة الدعوة في يوم الجمعة ليجتهد العباد بالعبادة في سائر ذلك اليوم، وكما أخفي وقت الموت ليكون المكلف خائفاً من الموت في كل الأوقات، فيدعوه ذلك الخوف إلى عمل الصالحات.
- وهذا قول: سعيد بن المسيب - والربيع بن خيثم - وسعيد بن جبير - وشريح القاضي. (٢)
الترجيح: وقد رجح كل قول من الأقوال المتقدمة بأحاديث وردت في فضائل تلك الصلوات.
كما رجح بعضها بأنها وسط يين كذا وكذا، ولا حجة في شيء من ذلك. لأن ذكر فضل صلاة معينة لا يدل على أنها هي التي أرادها الله بقوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} البقرة:٢٣٨.
كما أن الترجيح بناء على أن كلمة (الوسطى) بمعنى الفضلى، أو بمعنى: أوسط الصلوات محلاً يجعل صاحب كل قول يدعي صحة ما ذهب إليه. (٣)
وما كان ينبغي الترجيح بالأمور المتقدمة، مع وجود القول الصحيح الثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدال على أن المراد بها: صلاة العصر، دون غيرها.
فيجب الوقوف عند قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك والقول به وترك الاشتغال بغيره.
(١) انظر: تفسير السمعاني (١/ ٢٤٣) وتفسير القرطبي (٣/ ٢١٠).
(٢) انظر: فتح الباري (٨/ ٤٥) وعارضة الأحوذي (١/ ٢٩٥).
(٣) انظر: تفسير ابن الجوزي (١/ ٢٤٩) وتفسير أبي حيان (٢/ ٥٤٦).