فدل الحديث على وجوب الإنظار، والمنع من الملازمة.
ويجاب عن هذا الاستدلال: بأن الحديث غير دال على إسقاط باقي حقوقهم، وعدم بقائها في ذمته، ومتى كان دالاً على ذلك، كان غير دال على المنع من ملازمته حتى يستوفوا باقي حقوقهم مما يكتسبه مستقبلاً فاضلاً عن قوته. (١)
٣ - ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ليُّ الواجد يُحل عرضه وعقوبته". (٢) فدل الحديث على أن الحبس والملازمة عقوبة تثبت لمن ظهر منه المطل مع غناه، أما من لم يظهر منه المطل وكان معسراً، فإن هذه العقوبة لا تثبت في حقه.
ويجاب عن هذا الاستدلال: بأن الحديث غير ناف لجواز ملازمة من تعذر قضاؤه لدينه لعسره.
كما أنه ليس في ملازمته إحلال لعرضه وعقوبته.
- القول الثاني: جواز ملازمة صاحب الدين للمعسر المدين حتى يستوفى حقه.
- وهذا قول: الحنفية (٣).
- ومن أدلة هذا القول:
١ - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من أعرابي بعيراً إلى أجل، فلما حل الأجل جاءه الأعرابي يتقاضاه، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "جئتنا وما عندنا شيء، ولكن أقم حتى تأتي الصدقة"، فجعل الأعرابي يقول واغدراه، فهم به عمر، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"دعه فإن لصاحب الحق مقالاً". (٤)
(١) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٧٧).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الأقضية - باب في الحبس في الدين وغيره - (حـ ٣٦٢٨ - ٤/ ٤٥).
وابن ماجة في سننه - كتاب الأحكام - باب الحبس في الدين والملازمة (حـ ٢٤٥٢ - ٢/ ٦٠).
(٣) المغني لابن قدامة (٦/ ٥٨٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب: المساقاة - باب: من استسلف شيئاً فقضى خيراً منه - (حـ ٤٠٨٦ - ١١/ ٣٨).
وأبو داود الطيالسي في مسنده (حـ ٢٣٥٦ - ٣١١).