فإن قال قائل: فمن وليه المراد في آخر هذه الآية؟ كان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه وليُّ الدين الذي هو عليه، وفي الآية ما قد دل على هذا، وهي قوله عز وجل: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} البقرة:٢٨٢، فلو كان وليه هو الذي يتولى عليه، كما ذكر هذا القائل، لم يخاطب بهذا الخطاب، لأنه لا يجر إلى نفسه ببخسه شيئاً، ولكنه حذر من ذلك خوفاً عليه أن ينقص الذي له عليه الدين طائفة مما عليه منه.
وفيما ذكرنا دليل واضح على فساد ذلك التأويل، غير أن مذهبنا في الحجر استعماله والحكم به، وحفظ المال على من يملكه إذا كان مخوفاً عليه منه.
(شرح مشكل الآثار -١٢/ ٣٤٤ - ٣٤٦)
(وانظر: مختصر اختلاف العلماء - ٥/ ٢١٨ - ٢١٩)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن الآية غير دالة على إثبات أو نفي الحجر على السفيه، أما عدم دلالتها على نفي الحجر: فلأن السفه في الآية ليس المراد به إفساد المال، وإنما المراد به الجهل بشروط الإملاء. وأما عدم دلالتها على إثبات الحجر: فلأن الله جل وعلا ذكر في أول الآية مداينة من قد وصف في آخرها بالسفه. ولأن المراد بالولي في قوله تعالى: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} البقرة:٢٨٢ ولي الدين لا ولي السفيه.
وإليك أولاً: بيان (هل الآية دالة على نفي الحجر على السفيه؟).
- القول الأول: أن الآية دالة على نفي الحجر على السفيه.
- وهذا قول: الشافعي - والقاضي أبي يعلى.
- ودليل هذا القول: أن الله جل وعلا قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} البقرة:٢٨٢ ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} البقرة:٢٨٢.