فالمراد بالسفه في الآية: الجهل بالوجوه الصحيحة لصرف المال، وقد أجاز الله جل وعلا في الآية مداينة من هذا وصفه، فدل ذلك على انتفاء الحجر على السفيه. (١)
- القول الثاني: أن الآية غير دالة على نفي الحجر على السفيه.
- وهذا قوله: ابن عباس - وابن جبير - ومجاهد.
- ودليل هذا القول: أن المراد بالسفه في الآية: الجهل بما يجب أن يملى على الكاتب.
وعلى هذا القول: فليس في إجازة الله جل وعلا مداينة من هذا وصفه، دلالة على انتفاء الحجر على السفيه (٢)
الترجيح: والراجح هو القول الثاني، لأن الله جل وعلا قال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} النساء:٥ فنهى جل وعلا عن إعطاء المال للمفسد له، الذي لا يحسن التصرف فيه.
وفي هذه الآية: أجاز مداينة وإعطاء المال لمن وصفه بالسفه، فدل هذا على أنه ليس المراد (بالسفيه) هنا: الجاهل بالوجوه الصحيحة لصرف المال.
وإنما المراد به: الجاهل بما يجب أن يُملى على الكاتب.
ثانياً: بيان: (هل الآية دالة على إثبات الحجر على السفيه؟):
- القول الأول: أن الآية دالة على إثبات الحجر على السفيه.
- وهذا قول: الضحاك - وابن زيد - واختاره القاضي أبو يعلى - والزجاج.
- ودليل هذا القول: قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا. . . فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} البقرة:٢٨٢. والمعنى: (فليملل ولي الذي عليه الحق الممنوع من الإملاء بالسفه).
فالمراد بالولي في الآية: (ولي السفيه)
(١) انظر: تفسير الماوردي (١/ ٣٥٥) وتفسير ابن الجوزي (١/ ٢٩٠).
(٢) انظر تفسير الطبري (٣/ ١٢٢) - وتهذيب اللغة - مادة (سفه) (٦/ ١٣٤).