لأن العرب تقول: (ولي السفيه - ولي الضعيف) ولا تقول: (ولي الحق) وإنما تقول: (صاحب الحق). فلما أجاز الله جل وعلا لولي السفيه الإملاء عنه، دل ذلك على إثبات الحجر عليه. (١)
- القول الثاني: أن الآية غير دالة على إثبات الحجر على السفيه.
-وهذا قول: ابن عباس - والربيع بن أنس - وابن جبير - واختاره ابن قتيبة - والفراء - والطحاوي.
- ودليل هذا القول: قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا. . . فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} البقرة:٢٨٢ والمعنى: (فليملل ولي الحق وصاحب الدين بالعدل لأنه أعلم بحقه، ثم يكون الإقرار من المطلوب الذي عليه الحق).
الترجيح: والراجح هو القول الثاني، لأمرين:
١ - أن الله تعالى أجاز في أول الآية مداينة الذي عليه الحق، ولو كان محجوراً عليه لما جازت مداينته.
٢ - أن ولي المحجور عليه لا يجوز إقراره عليه بالدين عند أحد من أهل العلم، وفي ذلك دليل على أن الله جل وعلا لم يرد بقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} البقرة:٢٨٢: (ولي السفيه) وإنما أراد: (ولي الدين). (٢) وعلى هذا القول فالآية غير دالة على إثبات الحجر على السفيه.
وعليه فإن الآية إنما جاءت لبيان جواز مداينة السفيه الجاهل بشروط الإملاء، على أن يتولى صاحب الدين الإملاء، مراعياً في ذلك الصدق والعدالة (٣).
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) انظر: تفسير الطبري (٣/ ١٢٢) وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٥١).
(٢) انظر: تفسر ابن الجوزي (١/ ٢٩١) وأحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٨٨).
(٣) تفسير السمعاني (١/ ٢٨٣).