قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣)} البقرة:٢٨٣
قال أبو جعفر الطحاوي:
قال تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} البقرة:٢٨٣ فدل ذلك على أن المقبوض ما وقعت عليه يد مرتهنه، وانتفت عنه يد راهنه.
(شرح مشكل الآثار -١٥/ ٤٥٦)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن قوله جل وعلا: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} البقرة:٢٨٣ دال على وجوب الإقباض في الرهن.
- وإليك بيان أقوال العلماء في هذه المسألة:
- القول الأول: أن القبض شرط في لزوم وصحة الرهن.
- وهذا قول: الجمهور.
- ومن أدلة هذا القول:
١ - أن قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} البقرة:٢٨٣ عطف على ما تقدم من قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} البقرة:٢٨٢ فلما كان استيفاء العدد المذكور والصفة المشروطة للشهود واجباً، وجب أن يكون كذلك حكم الرهن فيما شرط له من الصفة، فلا يصح إلا بها، كما لا تصح شهادة الشهود إلا بالأوصاف المذكورة، إذ كان ابتداء الخطاب قد توجه إليهم بصيغة الأمر المقتضي للإيجاب.
٢ - أن حكم الرهن مأخوذ من الآية، والآية إنما أجازت الرهن بهذه الصفة، فغير جائز إجازته على غيرها.
٣ - أن الرهن وثيقة للمرتهن بدينه، ولو صح غير مقبوض لبطل معنى الوثيقة، وكان بمنزلة سائر أموال الراهن التي لا وثيقة للمرتهن فيها.