- وقد رد هذا القول: بأن هذا النوع من النسيان هو من العبد غير معصية، وهو غير مؤاخذ به، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن يغفره له. (١)
- وقد أجيب عن هذا الرد بالأجوبة التالية:-
١ - أنه يجوز للإنسان أن يدعو بحصول ما هو حاصل له قبل الدعاء، لقصد استدامته (٢).
٢ - أن هذا الدعاء على سبيل التقدير.
وذلك لأن هؤلاء الذين ذكروا هذا الدعاء كانوا متقين لله حق تقاته، فلما كان لا يصدر عنهم ما لا ينبغي إلا على وجه النسيان والخطأ، كان وصفهم بهذا الدعاء إشعاراً ببراءة ساحتهم عما يؤاخذون به.
فكأنهم قالوا: (ربنا إن كان النسيان والخطأ مما تجوز المؤاخذة به، فلا تؤاخذنا به).
٣ - أن المقصود من هذا الدعاء إظهار التضرع إلى الله تعالى، لا لطلب الفعل، ولذلك فإن الداعي كثيراً ما يدعو بما يقطع بأن الله تعالى فاعله، سواء دعا أو لم يدع - مثال ذلك:
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} الأنبياء:١١٢ وقوله: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} آل عمران:١٩٤ وقوله: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} غافر:٧.
فكل ما في هذه الآيات المتقدمة من دعاء وطلب، متحقق بدون طلب وكذا الآية التي معنا، فكان المقصود منها إظهار الحاجة إلى الله وكمال العبودية له وحده. (٣).
ثانياً: بيان الأقوال في المراد بـ (الخطأ) في الآية:-
القول الأول: أن المراد بالخطأ في الآية: الخطأ عن عمد.
- ومعنى ذلك: أن يريد العبد غير ما تحسن إرادته، فيفعله بقصد منه وإرادة. فهذا هو الخطأ التام المؤاخذ به العبد. والذي يرغب العبد إلى ربه في عدم مؤاخذته به.
(١) انظر: تفسير الطبري (٣/ ١٥٥) - وتفسير ابن الجوزي (١/ ٢٩٧).
(٢) تفسير الزمخشري (١/ ٥٢١).
(٣) تفسير الرازي (٧/ ١٤٥).