- ومثال هذا النوع من الخطأ: ما ورد في قوله تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} الإسراء:٣١.
القول الثاني: أن المراد بالخطأ في الآية: الخطأ عن غير عمد.
ومعنى ذلك: أن يريد العبد ما تحسن إرادته ولكن يقع منه فعل ما يخالف إرادته، فهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل.
ومثال هذا النوع من الخطأ: ما ورد في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} النساء:٩٢
وهذا النوع من الخطأ هو المعني بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ". (١)
- وقد رد هذا القول: بأن هذا النوع من الخطأ موضوع عن العبد المؤاخذة به، فلا وجه لمسألة العبد ربه ألا يؤاخذه به. (٢)
الترجيح: جميع الأقوال المتقدمة في المراد بالآية صواب، إذ اللغة دالة على ذلك، ولا مانع من إرادتها جميعاً. قال ابن فارس في مادة (نسي): النون والسين والياء: أصلان صحيحان يدل أحدهما على إغفال الشيء، والثاني على ترك شيء.
وقال في مادة (خطو): الخاء والطاء والحرف المعتل والمهموز: يدل على تعدي الشيء والذهاب عنه. والخطأ من هذا النوع، لأنه مجاوزة حد الصواب، يقال (أخطأ): إذا تعدى الصواب، ويقال (خَطِئ - يخطأُ) إذا أذنب، لأنه يترك الوجه الخير (٣). أ هـ.
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو أحد الأقوال الواردة في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) تقدم تخريجه (٢١٨).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٣/ ١٥٦) - والمفردات في غريب القرآن (١٥١).
(٣) معجم مقاييس اللغة مادة (نسي-٥/ ٤٢١) ومادة (خطو-٢/ ١٩٨). وانظر: لسان العرب: مادة (نسا-١٥/ ٣٢١) - ومادة (خطأ -١/ ٦٥).