٥ - أنه لو أراد عطف الراسخين وبيان أنهم يعلمون المتشابه لجاء (بالواو) - فقال: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}.
٦ - أن الله جل وعلا ذم مبتغي تأويل المتشابه في أول الآية. ولو كان ذلك للراسخين في العلم معلوماً، لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموما.
٧ - أن لفظة (أما) لتفصيل الجمل، فذكره لها في قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} آل عمران:٧ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه. وابتغاء تأويله، يدل على أن هناك قسم آخر، يخالفهم في هذه الصفة وهم الذين ذكرهم في قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} آل عمران:٧ ولو كانوا يعلمون تأويل المتشابه لم يخالفوا القسم الأول. (١)
٨ - أنه لا يجوز أن ينفي الله شيئاً عن الخلق ويثبته لنفسه، ثم يكون له في ذلك شريك، كقوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} النمل:٦٥ وكقوله جل ذكره: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} الأعراف:١٨٧ فكذلك قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٧ (٢).
- القول الثاني: أن الراسخين في العلم يعلمون المراد بالآيات المتشابهات.
وعلى هذا القول يجوز وصل الآية، ولا يلزم الوقف على لفظ الجلالة.
- وهذا قول: ابن عباس - ومجاهد - والربيع - ومحمد بن جعفر بن الزبير - والقاسم بن محمد وغيرهم.
- ومعنى الآية على هذا القول: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا.
ومن قال بهذا القول: جعل (الواو) في قوله: (والراسخون): للعطف والجمع. (٣) ٠)
- ومن أدلة هذا القول:
(١) روضة الناظر لابن قدامة (١/ ٢٨٠).
(٢) تفسير القرطبي (٤/ ٢٠).
(٣) تفسير ابن عطية (٣/ ٢١).