الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن في قوله تعالى: {وَالْأَرْحَامَ} النساء:١ قراءتين بالنصب والجر للميم، مع بيانه للمعنى على كل قراءة مختاراً القراءة بالنصب لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بها على الناس عند حثه لهم على صلة أرحامهم.
وإليك بيان جميع القراءات الواردة في هذه الآية. مع بيان من قرأ بها، وتوجيه كل قراءة منها:
القراءة الأولى: بالجر والباء {وبالأرحامِ}
- وهذه قراءة: عبد الله بن مسعود.
- توجيه هذه القراءة: من قرأ {وبالأرحام} بالجر والباء، فذلك بالعطف على الضمير المخفوض (به) مع إعادة الجار.
القراءة الثانية: بالرفع {والأرحامُ}
- وهذه قراءة: عبد الله بن يزيد.
- توجيه هذه القراءة: من قرأ {والأرحامُ} بالرفع، فذلك على أنه مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير:
أ- (والأرحامُ أهل أن توصل) وهذا تقدير: ابن عطية.
ب- وإما أن يكون التقدير: (والأرحامُ مما يُتقي) أو (والأرحامُ مما يُتساؤل به) وهذا تقدير: الزمخشري.
قال أبو حيان: (وتقدير الزمخشري أحسن من تقدير ابن عطية، إذ قدر ما يدل عليه اللفظ السابق، وابن عطية قدر من المعنى). (١)
القراءة الثالثة: بالنصب {وَالْأَرْحَامَ}.
- وهذه قراءة: السبعة ما عدا حمزة.
توجيه هذه القراءة: لهذه القراءة ثلاثة توجيهات:
أ- أن القراءة بالنصب عطف على لفظ الجلالة (الله) ويكون ذلك على حذف مضاف، والتقدير: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} واتقوا الأرحام أن تقطعوها لأن الله جل وعلا قصده بأول السورة حين أخبرهم أنهم من نفس واحدة، فأمرهم بأن يتواصلوا ولا يتقاطعوا، لأنهم إخوة وإن بعدوا.
- وهذا قول: أكثر المفسرين كابن عباس - ومجاهد - وقتادة - والضحاكِ - وابن زيد - وغيرهم.
(١) انظر: تفسير أبي حيان (٣/ ٤٩٨) - وتفسير ابن عطية (٤/ ٨) وتفسير الزمخشري - (٢/ ٧).