- الترجيح: والراجح هو القول الأول، لأن ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - قد قالا إن الآية نزلت في ذلك، وذلك لا يقال بالرأي، وإنما يقال توقيفاً. (١) ولأن جواب الشرط دال عليه، فجواب الشرط هو قوله جل وعلا: {فَانْكِحُوا} النساء:٣ فوجب الربط بين الشرط وجوابه بمحذوف مقدر.
وعليه فإن معنى الآية: وإن خفتم ألا تقسطوا في نكاح اليتامى فدعوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن. (٢)
وقد ذهب إلى ترجيح هذا القول: أبو جعفر النحاس، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد، وأبو بكر الجصاص، وأبو حيان، ومحمد الأمين المختار الشنقيطي. (٣)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية: بيان المراد باليتامى، وهل المراد بهن البالغات، أم غير البالغات؟:-
القول الأول: أن المراد باليتامى: غير البالغات.
- وهذا قول: أبي حنيفة وأصحابه. (٤)
- ومن أدلة هذا القول:-
١ - قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النساء:٣ فالآية جاءت بالنهي للأولياء عن تزويج اليتامى بأقل من مهر مثلهن، فعلمنا أن المراد باليتامى: الصغيرات اللاتي يتصرف عليهن في التزويج من هن في حجره.
وعليه فلا يصح أن يكون المراد باليتيمة في الآية: الكبيرة البالغة، لأن الكبيرة إذا رضيت بأن تتزوج بأقل من مهر مثلها جاز نكاحها، وليس لأحد أن يعترض عليها. (٥) كما أنه لا يتزوجها أحد إلا بإذنها، وليس لأحد إكراهها على ذلك. (٦)
(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥١).
(٢) تفسير الشنقيطي (١/ ١٨٩).
(٣) انظر: معاني القرآن للنحاس (٢/ ١١) - وتفسير أبي حيان (٣/ ٥٠٤).
(٤) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣١٠).
(٥) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٢).
(٦) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣١١).