٢ - قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة:٢٣٧ فالمراد (بالذي بيده عقدة النكاح) هو: الولي مطلقاً، وليس مخصوصاً بولي دون آخر من أب أو جد بل جميع الأولياء في ذلك سواء. (١)
٣ - ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا نكاح إلا بولي" (٢) فدل هذا الحديث على أن النكاح يصح إذا تم بشروطه، ومن شروطه الولي سواء كان أباً أو غيره، لأنه قال: " لا نكاح إلا بولي " و (الولي) لفظ عام يعم كل ولي.
٤ - أن الأب لو وكَّل وكيلاً ينوب عنه في تزويج ابنته الصغيرة، فإن للوكيل تزويجها نيابة عن الأب، ولم يقل أحدٌ بأنه لابد للأب أن يلي العقد بنفسه مباشرة، وأنه لا تجوز الوكالة في ذلك.
وإذا سلمنا بجواز ذلك من الوكيل، لأنه ناب عن الأب وقام مقامه، فإن للولي الذي يلي تلك الصغيرة بعد أبيها أن يقوم مقام أبيها في جميع ولايته تلك دون استثناء. (٣)
الترجيح: والقول الراجح في المسألة هو: جواز تزويج غير الأب للصغيرة. فإذا تعذرت ولاية الأب وأنكحها ولي غيره، فالنكاح صحيح لتوافر شروطه، ولأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يقتضي عدم صحة نكاح الصغيرة إلا بشرط أن يكون الولي أباً، فتخصيص الولاية في النكاح بالأب بدون مخصص غير مسلم به. وعليه فإن من قال إن النكاح غير صحيح بولاية غير الأب، قول باطل لكونه قول فيه إبطال لنكاح توافرت شروطه.
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في هذه المسالة. والله تعالى أعلم
(١) آيات الأحكام في المغني (٣/ ٩٢٥).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب النكاح - باب في الولي (ح ٢٠٨٥ - ٢/ ٥٦٨).
وابن ماجة في سننه - كتاب النكاح - باب لا نكاح إلا بولي - (ح ١٨٨٧ - ١/ ٣٤٧).
(٣) انظر: المغني لابن قدامة (٩/ ٤٠٢) - وآيات الأحكام في المغني (٣/ ٩٢٦).