- ويجاب عن هذا الاعتراض: بأن من العرب الفصحاء من يقول: (عال الرجل يعول): لمن كثر عياله. فهذه لغة حِمْيَر، كما وردت هذه اللغة في الشعر العربي، كما في قول الشاعر: (١)
وإن الموت يأخذ كل حي بلا شك وإن أمشى وعالا
أي: وإن كثرت ماشيته، وكثر عياله. (٢)
فدل هذا النقل عن العرب: أن كلمة (تعولوا) قد ترد بمعنى: (كثرة العيال). كما ترد بمعنى: (الميل والجور).
- ومما يؤيد هذا القول: أن طلحة بن مصرف، كان يقرأ هذه الآية: (ألا تعيلوا). (٣) و (تعيلوا) عند -جميع العرب بمعنى: تكثر عيالكم. وهذا مما يؤكد صحة هذا القول في المراد بالآية.
ب - أن الله جل وعلا أباح كثرة ملك الإماء، فقال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٣ وفي ذلك تكثير للعيال، فكيف يصح أن يكون المراد بقوله: (ألا تعيلوا) ألا تكثر عيالكم، وكثرة العيال لا تختلف بأن تكون الزوجة حرة أو مملوكة. (٤)
- ويجاب عن هذا الاعتراض بما يلي:-
١ - أن الإماء إذا كثرن عند الزوج فله أن يكلفهن الكسب، وحينئذ تقل نفقة العيال.
أما إذا كانت الزوجة حرة، لم يكن له من الأمر ذلك.
٢ - أن الزوجة المملوكة إذا عجز المولى عن الإنفاق عليها باعها وتخلص منها. أما إذا كانت حرة فلابد من الإنفاق عليها، وإن حاول التخلص منها بالطلاق طالبته بالمهر المؤخر، فيقع الزوج في شدة من ذلك.
٣ - أن الغرض من التزوج بالحرائر التوالد، بخلاف التزوج من الإماء، ولذلك جاز العزل عن الإماء بغير إذنهن، بخلاف الحرائر.
وبهذه الفروق بين التزوج بالحرة، والتزوج بالمملوكة، يظهر جلياً أن التزوج بالإماء مظنة لقلة العيال، خلافاً للتزوج بالحرائر.
(١) تهذيب اللغة للأزهري (مادة: عال -٣/ ١٩٤).
(٢) تفسير أبي حيان (٣/ ٥٠٩).
(٣) تفسير البغوي (٢/ ١٦٢).
(٤) تفسير أبي حيان (٣/ ٥٠٨).