الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن هذه الآية دالة على أن ميراث البنتين الثلثان، بدلالة سبب نزول الآية، وبدلالة الآية لأن (فوق) صلة، وبدلالة آخر آية من سورة النساء حيث دلت على أن نصيب الأختين الثلثان، والبنتان أقرب إلى الميت من الأختين، فلزم أن يكون نصيب البنتين كنصيب الأختين. وفي هذه الأدلة تأييد لقول جمهور الأمة من أن للبنتين الثلثان، ورد لقول ابن عباس - رضي الله عنه - من أن للبنتين - النصف كما للبنت الواحدة. وإليك بيان الأقوال في هذه المسألة، وأدلة كل قول فيما ذهب إليه:-
- القول الأول: أن للبنتين النصف.
- وهذا قول: ابن عباس رضي الله عنه.
- ودليل هذا القول:
قوله جل وعلا: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} النساء:١١ فكلمة (إن) في اللغة للإشتراط، وذلك يدل على أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن ثلاثاً فصاعداً، وذلك ينفي حصول الثلثين للبنتين (١)، لأن أقل الجمع ثلاثة. (٢)
فقوله جلا وعلا: {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} النساء:١١ تقييد للنص، ونفي لما دون هذا العدد. (٣) وعليه فإن نصيب البنتين يكون النصف، ونصيب الثلاث فصاعداً يكون الثلثين.
- وقد رُد هذا الاستدلال:
١ - بأنه استدلال لازم لابن عباس - رضي الله عنه - لأن الله جل وعلا قال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} النساء:١١ فجعل حصول النصف مشروطاً بكونها واحدة، وذلك ينفي حصول النصف نصيباً للبنتين، فثبت أن هذا الكلام إن صح فهو يبطل قوله.
٢ - لا نسلم أن (إن) تدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف.
(١) تفسير الرازي (٩/ ٢٠٥).
(٢) تيسير البيان لأحكام القرآن (٢/ ٥٢٢).
(٣) أحكام القرآن للكياالهراسي (٢/ ٣٤١).