قال أبو جعفر الطحاوي: عن جابر بن عبد الله، قال: اشتكيت وعندي سبع أخوات لي، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنفخ في وجهي ماء، فأفقت، فقلت يا رسول الله، أوصي لأخواتي بالثلثين؟ قال: (أَحْسِن). قلت: الشطر؟ قال: (أحسن). ثم خرج رسول الله، وتركني، ثم رجع فقال: "يا جابر، إن الله قد أنزل، فبين الذي لأخواتك، فجعل لهن الثلثين"، فكان جابر يقول: فيَّ نزلت هؤلاء الآيات: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} النساء:١٧٦. (١)
ففي هذا الحديث: أن الأخوات اللاتي ذكر جابر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كلالة مما لم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الولد، وقد تكون بحجب الأخوات إذا كان ذكراً، ولا يحجبهن إذا كان أنثى، ليس بكلالة، كان الوالد الذي لا يحجبهن في الأحوال كلها، أحرى أن لا يكون كلالة.
وفيما قد ذكرنا ما قد دل أن الكلالة من يرث لا من يورث، وفي ذلك ما قد دل على صحة قراءة من قرأ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يورِّث كَلَالَةً} النساء:١٢ والله أعلم.
(شرح مشكل الآثار -١٣/ ٢٣٥ - ٢٣٦)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن قوله جل وعلا: {يورِّث} النساء:١٢ قرأ بالكسر للراء، كما بين رحمه الله تعالى - أن هذه القراءة صحيحة من حيث المعنى لدلالة حديث جابر - رضي الله عنه - وغيره على أن لفظ (الكلالة) يطلق ويراد به الورثة.
وإليك بيان القراءات الواردة في الآية:
القراءة الأولى: بفتح الراء: {يُورَثُ}.
- وهذه قراءة: الجمهور.
- والمراد (بالكلالة) على هذه القراءة هو: المورث.
القراءة الثانية: بكسر الراء وتخفيفها: {يورِث}.
(١) أخرجه أبوداود في سننه - كتاب: الفرائض - باب: من كان ليس له ولد وله أخوات (حـ ٢٨٨٧ - ٣/ ٣٠٨).
والبيهقي في سننه - كتاب: الفرائض - باب: فرض الأخت والأختين فصاعداً (حـ ١ - ٦/ ٢٣١).