- وقد رُد هذا القول: بأنه قول يوجب فساد الترتيب، فهو بعيد ومردود. (١)
وعلى جميع الأقوال المتقدمة يكون المراد بـ (الفاحشة) في الآية: الزنا.
- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٢)
ب- القول الثاني: أنه ليس في الآيتين نسخ.
- وهذا قول: أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني - وقد عزاه إلى مجاهد. (٣)
ونسبه السيوطي: إلى ابن جرير - وابن المنذر - وابن أبي حاتم. (٤)
- وحجة هذا القول: أن المراد بالفاحشة في الآية الأولى: المساحقة. والمراد بالفاحشة في الآية الثانية: اللواط. وذلك لأن قوله: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} النساء:١٥ مخصوص بالنسوان. وقوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} النساء:١٦ مخصوص بالرجال. (٥)
- وقد رد هذا القول: بما ورد في الآية من الأمر باستشهاد أربعة، فإنه غير معهود في الشرع فيما عد الزنا.
كما أن جمهور المفسرين قد أجمعوا على أن المراد بالفاحشة هنا: الزنا، وعليه فلا مجال لعدم القول بالنسخ. (٦)
الترجيح: والقول الراجح هو أن الناسخ للآيتين هو آية الجلد وآية الرجم، وقد دل على ذلك وأكده ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قوله وفعله.
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو خلاف القول الأولى في الناسخ للآيتين.
والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)} النساء:٢١
(١) تفسير أبي حيان (٣/ ٥٥٩).
(٢) تفسير الرازي (٩/ ٢٣١).
(٣) تفسير أبي السعود (٢/ ١١١).
(٤) الدر المنثور للسيوطي (٢/ ١٣٠).
(٥) تفسير الرازي (٩/ ٢٣١).
(٦) انظر: تفسير أبي السعود (٢/ ١١١) وتفسير الخازن (١/ ٣٣٦).