فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه -: أن الذي رويناه عن عبد الله بن عباس في ذلك عندنا أولى بتأويل الآية - والله أعلم - بل في الآية ما قد دل على ما قال ابن عباس، وعلى خلاف من خالفه، لأن فيها:: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٣٣ وقد كان التحالف فيه أيمان، والتَدعِّي والتبني لم يكن فيهما أيمان، فكان ذلك معقولاً به أن التأويل الذي ذكره عبد الله بن عباس في هذه الآية أولى مما ذكره غيره في تأويلها. والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار - ٤/ ٢٩٦ - ٣٠٣)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن في المراد بقوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٣٣ قولين:
القول الأول: أن المراد هو: المهاجرين الذين كانوا يورثون الأنصار.
والقول الثاني: أن المراد هو: الذين يتبنون رجالاً غير آبائهم.
مرجحاً أن المراد به القول الأول بدلالة قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٣٣ إذ أن (الأيمان) إنما كانت في التحالف، ولم تكن في التبني.
وإليك بيان جميع الأقوال الواردة في المراد بالآية:
- القول الأول: أن المراد بالآية هو: أنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف، وبمثله في الإسلام من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية، فقال جل ذكره: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} النساء:٣٣ ثم نُسخ ذلك الحكم بما فرض الله جل وعلا - من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات، والناسخ لذلك هو قوله جل وعلا: تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الأحزاب:٦.
فالمراد (بالمعاقدة): المحالفة في الجاهلية. والمراد (بالنصيب): الميراث.