ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ} الأنعام:١٣٨.
ومن ذلك قوله: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} الأنعام:٢٢.
ومن ذلك قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} النساء:٦٠ الآية.
وكل هذه الأشياء، فإخبار عن الله تعالى بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة، وبأقوال كانت منهم كانوا فيها كاذبين مفترين على الله تعالى، فكان مكروهاً لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم.
(شرح مشكل الآثار - ١/ ١٧٣ - ١٧٥)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن الله جل وعلا جاء في الآية بالفعل (يزعمون) للإخبار بأن القوم كاذبون فيما ادعوا وذمهم على ذلك، إذ أن الفعل (زعم) لم يجئ في القرآن إلا في الإخبار عن قوم مذمومين بأشياء كانت منهم مذمومة.
ومما يؤكد صحة ماذهب إليه الإمام الطحاوي:
أن (الزعم) في اللغة هو: حكاية قول يكون مظنة للكذب. ومن ذلك قول العرب: (زعم فلان كذا) في الأمر الذي يضعف فيه التحقيق والصحة، وتتقوى فيه شُبه الإبطال، فغاية درجة (الزعم) إذا قوي أن يكون مظنوناً.
ومن ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "بئس مطية الرجل: زعموا". (١)
فهذا دليل على الجهة التي تستعمل فيها (زعموا) فهي لا تستعمل في الأكثر إلا في القول الذي لا تتحقق صحته.
(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الأدب - باب: في قول الرجل (زعمو) - (حـ ٤٩٧٢ - ٥/ ٢٥٤) وأحمد في مسنده (٥/ ٤٠١).