قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠)} النساء:٦٠.
قال أبو جعفر الطحاوي: قال النبي عليه السلام: "بئس مطية الرجل زعموا" (١)
قال أبو جعفر: فتأملنا ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وصفه "زعموا" بما وصفها به، وذكره إياها أنها بئس مطية الرجل، فوجدنا "زعموا" لم تجئ في القرآن إلا في الإخبار عن المذمومين بأشياء مذمومة كانت منهم، فمن ذلك قول الله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} التغابن:٧ ثم أتبع ذلك بقوله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} التغابن:٧.
ومن ذلك قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} الإسراء:٥٦ ثم أتبع ذلك بإخباره بعجزهم أن دعوهم بذلك بقوله: {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} الإسراء:٥٦.
ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} الأنعام:٩٤ ثم رد عليهم بقوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} الأنعام:٩٤.
ومن ذلك قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ} الأنعام:١٣٦.
(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الأدب - باب: في قول الرجل (زعموا) - (حـ ٤٩٧٢ - ٥/ ٢٥٤) والشهاب في مسنده (حـ ١٣٣٤ - ٢/ ٢٦٨).