- القول الثالث: أن المراد بالآية هو: أن المهاجرين حين قدموا المدينة آخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينهم وبين الأنصار، فكان بعضهم يرث بعضاً بتلك المؤاخاة، ثم نسخ الله هذا الحكم بالفرائض، وبقوله جل وعلا: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الأحزاب:٦.
فالمراد بـ (المعاقدة): المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. والمرد بـ (النصيب): الميراث.
- وهذا قول: ابن عباس - رضي الله عنه - وجابر بن زيد. (١)
- القول الرابع: أن المراد بالآية هو: أنهم كانوا في الجاهلية يتبنون أبناء غيرهم ويورثونهم، فأمر الله جل وعلا بأن يُجعل لهم نصيب من الوصية، ورد الميراث إلى ذوي الأرحام والعصبة.
فالمراد بـ (المعاقدة): التبني في الجاهلية. والمراد بـ (النصيب): الوصية من الميراث.
- وهذا قول: سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - والحسن البصري - واختاره ابن كيسان. (٢)
الترجيح: والراجح هو القول الثاني، لأن الله جل وعلا وصف هذا التعاقد بكونه قائماً على الأيمان، فقال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء:٣٣ وهذا إنما كان متحققاً في التعاقد والتحالف الذي كان في الجاهلية، وأما ما كان من أمر التبني والمؤاخاة، فلم يكن قائماً على الأيمان، حتى يكون داخلاً في الآية. (٣)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) تفسير الطبري (٤/ ٥٥).
(٢) تفسير البسيط للواحدي (١/ ٢٣٠).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٥٧) - وتفسير ابن عطية (٤/ ١٠٥).