الدراسة
بين الإمام الطحاوي الأقوال في دية الكافر، مرجحاً أن دية الكافر مثل دية المسلم بدلالة الآية.
حيث دل قوله جل وعلا: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} النساء:٩٢ على أن المؤمن المقتول يجب له الدية والكفارة.
ودل قوله جل وعلا: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} النساء:٩٢ على أن الكافر المقتول يجب له الدية والكفارة.
وإليك أولاً: بيان الأقوال في المراد بقوله جل وعلا: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} النساء:٩٢:
القول الأول: أن المراد بالآية هو: المؤمن.
والتقدير في الآية: (وإن كان المقتول مؤمناً من قوم بينكم وبينهم ميثاق).
- وهذا قول: النخعي - وجابر بن زيد - والحسن - ومالك.
فالمراد بالآية هو: المقتول المؤمن، لأن موضوع الآية فيمن قتل مؤمناً خطأ، فقد ذكر الله جل وعلا أولاً حال المؤمن المقتول خطأ، ثم ذكر حال المؤمن المقتول خطأ إذا كان في قوم هم من أهل الحرب، ثم ذكر حال المؤمن المقتول خطأ إذا كان في قوم من أهل الذمة والعهد.
ولا شك أن هذا ترتيب حسن، فكان حمل اللفظ عليه لا شك في جوازه.
- والذي يؤكد صحة هذا القول: أن قوله جل وعلا: {وَإِنْ كَانَ} النساء:٩٢ لابد من إسناده إلى شيء جرى ذكره فيما تقدم، والذي جرى ذكره فيما تقدم هو المؤمن المقتول خطأ، فوجب حمل اللفظ عليه.
القول الثاني: أن المراد بالآية هو: الكافر.
وقد لزمت المؤمن القاتل دية الكافر المقتول، لأن له ولقومه عهداً، فواجب أداء ديته إلى قومه للعهد الذي بينهم وبين المؤمنين، ولأنها مال من أموالهم، ولا يحل للمؤمنين شيء من أموالهم بغير طيب من أنفسهم.
- وهذا قول: ابن عباس - رضي الله عنه - والزهري - والشعبي - والنخعي - وقتادة - وابن زيد.
- وقد استدل أصحاب هذا القول بالأدلة التالية: