ما روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء:٩٥ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيداً فجاء بكتف يكتبها، فشكا إليه ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء:٩٥. (١)
فدلت هذه الرواية الصحيحة على: أن نزول هذه الآية كان على مرحلتين:
ففي المرحلة الأولى: نزلت الآية عامة في القاعدين، وكان نص الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء:٩٥.
وقد أشكل هذا العموم في الآية على بعض الصحابة القاعدين من عذر، فظنوا أنهم داخلون في عموم هذه الآية، فكان لابد من قيد يزيل هذا الفهم الخاطئ.
وهذا ما كان في المرحلة الثانية حيث نزل قوله جل وعلا: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} النساء:٩٥ فكان هذا قيداً أخرج الآية من عمومها، وجعلها خاصة في القاعدين بغير عذر، وصار نص الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء:٩٥.
وقد اعترض على هذا الاستدلال، والقول بأن الآية نزلت على مرحلتين: بأمرين:
١ - عدم صحة هذه الآثار لأن فيها بيان أن نص الآية في المرحلة الأولى كان عاماً في القاعدين بدون تفريق بين القاعدين بعذر والقاعدين بغير عذر.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: التفسير - باب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}
النساء:٩٥. (حـ ٤٣١٦ - ٤/ ١٦٧٧) ومسلم في صحيحه - كتاب: الجهاد - باب: سقوط فرض الجهاد عن المعذورين (حـ ٤٨٨٨ - ١٣/ ٤٥).