٢ - على فرض أن الآية نزلت على مرحلتين، كيف يفهم الصحابة - رضوان الله عليهم - من هذه الآية - في المرحلة الأولى - هذا الفهم الخاطئ، مع أنهم رضوان الله عليهم كانوا على قدر كبير من العلم والفقه والفهم، ومع علمهم بأن الله جل وعلا قد رفع التكليف عن كل عاجز فقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} البقرة:٢٨٦.
وقد أجيب عن هذا الاعتراض:
١ - بأن هذه الآثار الواردة في سبب نزول الآية، والدالة على أن نزولها كان على مرحلتين آثار صحيحة ثابتة، فلا مدخل للاعتراض عليها.
٢ - أن الآية في المرحلة الأولى وإن كانت عامة إلا أنه جل وعلا لم يقصد بها إلا القاعدين بغير عذر، إذ الأدلة الدالة على إخراج ذوي الأعذار ظاهرة الدلالة على ذلك ومن هذه الأدلة:
قوله جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} البقرة:٢٨٦، وقوله جل وعلا:: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} النور:٦١ وقوله جل ذكره: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة:٩١.
ولكن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - غابت عن عقولهم هذه الآيات وما دلت عليه، وخافوا أن يكون المقصود بالآية القاعدين مطلقاً.
فلما حصل هذا الفهم الخاطئ عند بعض الصحابة استلزم الأمر نزول ما يزيل هذا الفهم الخاطئ بالكلية، ويؤكد أن المراد بالآية هو: القاعدين من غير عذر. (١)
(١) شرح مشكل الآثار للطحاوي (٤/ ١٤٩).