إلى غير ذلك من الأمثلة الدالة على تفاوت الصحابة - رضي الله عنهم - في فهم المراد بكتاب الله تبارك وتعالى.
المسألة الثانية: بيان القراءات الواردة في قوله جل وعلا: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} النساء:٩٥.
القراءة الأولى: بالنصب: {غيرَ أُولِي الضَّرَرِ} النساء:٩٥.
- وهذه قراءة: نافع - والكسائي - وابن عامر - وأبو جعفر - وخلف. (١)
- وفي هذه القراءة من الناحية الإعرابية وجهين:
١ - النصب على الاستثناء من القاعدين.
والمعنى: (لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر فإنهم يستوون مع المجاهدين). (٢)
٢ - النصب على أن (غير) في موضع الحال.
والمعنى: (لا يستوي القاعدون في حال الصحة وانتفاء الضرر مع المجاهدين، كما تقول: (جاءني أحمد غير مريض) أي: جاءني أحمد صحيحاً). (٣)
وحجة من اختار هذه القراءة:
أنه ثبت أن قوله جل وعلا: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} النساء:٩٥ نزل بعد نزول قوله جل وعلا: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} النساء:٩٥ فلو كان صفة لم يكن النزول فيهما إلا في وقت واحد، فلما نزل قوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} النساء:٩٥. في وقت بعد وقت نزول قوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} النساء:٩٥ علم أنه استثناء. (٤)
فالقراءة بالنصب على الاستثناء أولى، لأن المقصود منه استثناء قوم لم يقدروا على الخروج، كما دلت الروايات المتقدمة على ذلك.
وقد رد هذا القول:
(١) انظر: النشر في القراءات العشر (٢/ ٢٥١) - والسبعة لابن مجاهد (٥/ ٢٣٧).
(٢) معاني القرآن للنحاس (٢/ ١٧٠).
(٣) تفسير الرازي (١١/ ٧).
(٤) الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/ ٣٩٦).