ألا ترى أنه لما كان مراد الله جل وعلا في رخصة المسافر في الإفطار أحد شيئين من إفطار أو صوم، ورد البيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - تارة بالإفطار وتارة بالصوم، وأما الصلاة فقد ورد البيان بالقصر دون الإتمام فوجب العمل به دون غيره. (١)
٦ - ماروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القصر في حال الأمن فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" (٢) وصدقة الله علينا هي: إسقاطه عنا الإتمام، فدل ذلك على أن الفرض في السفر ركعتان. وقوله: (فاقبلوا صدقته) يوجب ذلك، لأن الأمر للوجوب، فإذا كنا مأمورين بالقصر، فالإتمام منهي عنه. (٣)
وقد رد هذا الاستدلال: بأن الحديث دال على التخيير، لأن المتصدق عليه يكون مختاراً في قبول الصدقة وردها، كما في التصدق من العباد. (٤).
٧ - ماروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أول ما فرضت الصلاة ركعتان ركعتان، ثم زيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر على ما كنت عليه) (٥)
فأخبرت عائشة رضي الله عنها: أن فرض المسافر في الأصل ركعتان، وفرض المقيم أربع كفرض صلاة العصر وصلاة الظهر، فغير جائز الزيادة عليها، كما لا تجوزالزيادة على سائر الصلوات (٦).
وقد رد هذا الاستدلال بثلاثة أمور:
(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٥٧)
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب صلاة المسافرين (حـ ١٥٧١ - ٥/ ٢٠٠).
وأبو داود في سننه - كتاب الصلاة - باب صلاة المسافر - (حـ ١١٩٩ - ٢/ ٧).
(٣) أحكام القرآن للجصاص. (٢/ ٣٥٧).
(٤) بدائع الصنائع (١/ ٢٥٨).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب تقصير الصلاة - باب يقصر إذا خرج من موضعه (حـ ١٠٤٠ - ١/ ٣٦٩)
ومسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب صلاة المسافرين - (حـ ١٥٦٨ - ٥/ ١٩٩).
(٦) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٥٩)