١ - مخالفة عائشة رضي الله عنها لما روته، فإنها كانت تتم الصلاة في السفر.
٢ - إجماع فقهاء الأمصار على أنه ليس بأصل معتبر في صلاة المسافر خلف المقيم.
٣ - أن قولها: (فرضت الصلاة) ليس على ظاهره، فقد خرج عنه صلاة المغرب والفجر، لأنه ما زيد فيها ولا نقص منها.
وهذا كله يضعف الاحتجاج به في وجوب قصر الصلاة في السفر (١).
القول الثالث: أنه يجوز القصر والإتمام للصلاة في السفر.
- وهذا قول: روي عن عثمان - وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهم.
وإليه ذهب: الشافعي - وأحمد - ومالك وأصحابه في المشهور عنهم (٢).
- وقد استدل أصحاب هذا القول بالأدلة التالية:
١ - قوله جل وعلا: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} النساء:١٠١ فظاهر الآية يشعر بعدم الوجوب، لأن لفظ (لاجناح) إنما يستعمل في الرخص لا فيما يكون حتماً، فهو دال على الإباحة لا على الوجوب، ومثال ذلك: قوله جل وعلا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} البقرة:٢٣٠ وقوله جل وعلا {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} النور:٦٠. فقد دلت هذه الآيات على أن لفظ (لاجناح) إنما يذكر في رفع التكليف بذلك الشيء، فأما إيجابه على وجه التعيين، فهذا اللفظ غير مستعمل فيه. (٣)
(١) تفسير القرطبي (٥/ ٣٥١).
(٢) انظر: المغني لابن قدامة (٣/ ١٢٢) وتفسير البغوي (٢/ ٢٧٤) وتفسير القرطبي (٥/ ٣٥٢).
(٣) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٢٧٥) وتفسير الرازي (١١/ ١٨).