فإن احتج في ذلك بقوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} النساء:١٠٢ الآية، فقال: إنما أمر بذلك، إذا كان فيهم، فإذا لم يكن فيهم، انقطع ما أمر به من ذلك.
قيل له: فقد قال عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} التوبة:١٠٣ الآية، فكان الخطاب هاهنا له، وقد أجمع أن ذلك كان معمولاً به بعده، كما كان يعمل به في حياته.
(شرح معاني الآثار - ١/ ٣٠٩ - ٣٢٠).
الدراسة
بين الإمام الطحاوي الأقوال الواردة في عدد ركعات صلاة الخوف، مرجحاً القول بأنها ركعتان كما بين أن الخطاب في الآية لعامة المؤمنين، وإن كان موجهاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راداً بذلك على أبي يوسف في قوله: إن صلاة الخوف لا تكون إلا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة.
وإليك أولاً: بيان أقوال العلماء في عدد ركعات صلاة الخوف:
القول الأول: أن صلاة الخوف ركعة واحدة:
- وهذا قول: جابر بن عبد الله - وحذيفة بن اليمان - وأبي هريرة - وابن عباس وابن عمر - وزيد بن ثابت - وأبي موسى الأشعري - وسعيد بن جبير - والثوري - وأحمد - وإسحاق، وغيرهم (١).
- وقد استدل أصحاب هذا القول بالأدلة التالية:
١ - قوله جل وعلا: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} النساء:١٠٢ فهذه الآية مبيحة أن تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها شيئاً، لأنها غير دالة على أنهم يقضون ركعة ثانية، وأما الإمام فتكون صلاته ركعتان.
(١) انظر: تفسير ابن عطية (٤/ ٢٣٥) - والمنهل العذب المورود (٧/ ١٢٢)