قال أبو جعفر: فهذا عبيد الله بن عبد الله قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما خالف ماروى مجاهد عنه، ومحال أن يكون الفرض على الإمام ركعة فيصليها بأخرى بلا قعود للتشهد، ولا تسليم.
فلما تضاد الخبران، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - تنافياً، ولم يكن لأحد أن يحتج في ذلك بمجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، لأن خصمة يحتج عليه بعبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما بخلاف ذلك
فثبت بما ذكرنا أن فرض صلاة الخوف ركعتان على الإمام، ثم لم يُذَكر المأمومين بقضاء ولا غيره في هذه الآثار.
فاحتمل أن يكونوا قضوا، ولا بد فيما يوجبه النظر من أن يكونوا قد قضوا ركعة ركعة، لأنا رأينا الفرض على الإمام في صلاة الأمن والإقامة مثل الفرض على المأموم سواء، وكذلك الفرض عليهما في صلاة الأمن في السفر سواء، ومحال أن يكون المأموم فرضه ركعة فيدخل مع غيره ممن فرضه ركعتان إلا وجب عليه ما وجب على إمامه.
ألا ترى أن مسافراً لو دخل في صلاة مقيم صلى أربعاً، فكان المأموم يجب عليه ما يجب على إمامه، ويزيد فرضه بزيادة فرض إمامه، وقد يكون على المأموم ما ليس على إمامه.
من ذلك أنا رأينا المقيم يصلي خلف المسافر فيصلي بصلاته، ثم يقوم بعد ذلك فيقضي تمام صلاة المقيم، فكان المأموم قد يجب عليه ما ليس على إمامه، ولا يجب على إمامه ما لا يجب عليه.
فلما ثبت بما ذكرنا وجوب الركعتين على الإمام ثبت أن مثلهما على المأموم
وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال مرة: لا يصلى صلاة الخوف بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزعم أن الناس إنما صلوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صلوها لفضل الصلاة معه، وهذا القول -عندنا- ليس بشيء لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلوها بعده، قد صلاها حذيفة بطبرستان، وما في ذلك فأشهر من أن يحتاج إلى أن نذكره هاهنا.