وقد اعترض على هذا الاستدلال: بأن المراد بالحديث أن كل طائفة صلت مع الإمام ركعة، وأتموا لأنفسهم ركعة. وأما قوله: (ولم يقضوا) أي: لم يعيدوا الصلاة بعد تحقق الأمن لهم.
وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن هذا قول بعيد جداً، لأن المتبادر من قوله: (ولم يقضوا) أي: لم يصلوا ركعة أخرى غير التي صلوها مع الإمام.
القول الثاني: أن صلاة الخوف ركعتان.
- وهذا قول: جمهور العلماء (١).
- وقد استدلال أصحاب هذا القول بالأدلة التالية:
١ - قوله جل وعلا: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} النساء:١٠٢ فقد دلت الآية على أن فرض صلاة الخوف ركعتان على الإمام، وعلى المأموم ركعة بنص الآية، وركعة يقضيها لكون الواجب عليه متابعة الإمام في الزيادة لا في النقصان. (٢)
٢ - ما روي عن سَهْل بن أبي حثمة أنه قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه في الخوف، فصفهم خلفه صفين، فصلى بالذين يلونه ركعة، ثم قام، فلم يزل قائماً حتى صلى الذين خلفهم ركعة، ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قدامهم، فصلى بهم ركعة، ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة، ثم سلم" (٣)
(١) المنهل العذب المورود (٧/ ١٢٢).
(٢) شرح معاني الآثار - (١/ ٣٠٩)
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة ذات الرقاع - (حـ ٣٩٠٢ - ٥/ ١٥١٤)
ومسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب صلاة الخوف - (حـ ١٩٤٤ - ٥/ ٣٦٦).