وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وأمرتهم أن يغيروا خلقي" (١).
فإذا كان معنى الآية هو هذا: دخل في ذلك فعل كل ما نهى الله عنه من إخصاء مالا يجوز إخصاؤه، ووشم ما نهى عن وشمه، وغير ذلك من المعاصي، لأن الشيطان هو الداعي إلى جميع تلك المعاصي، والناهي عن كل أمر فيه طاعة للرب جلا وعلا (٢).
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩)} النساء:١٢٩
قال أبو جعفر الطحاوي: وقد روي في تأويل قول الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} النساء:١٢٩، أن ذلك أريد به ما يقع في قلوبكم لبعضهن دون بعض، وذلك معفو لهم عنه، إذ لا يستطيعون دفعه عن قلوبهم، غير أنه قد يجوز أن يكون يزيد على ذلك ما يجتلبونه إلى قلوبهم.
(شرح مشكل الآثار -١/ ٢١٦)
(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجنة - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار - (حـ ٧١٣٦ - ١٧/ ١٩٤).
والطبراني في المعجم الكبير (ح ٩٨٧ - ١٧/ ٣٥٨).
ومعنى: (فاجتالتهم الشياطين). أي: استخفتهم، فجالوا معهم في الضلال، يقال: (جال واجتال): إذا ذهب وجاء، ومنه (الجولان) في الحرب.
(النهاية في غريب الحديث - ١/ ٣١٧).
(٢) تفسير الطبري (٤/ ٢٨٥).