بين الإمام الطحاوي القراءات الواردة في قوله جل وعلا: {وَأَرْجُلَكُمْ} المائدة:٦ موجهاً كل قراءة، وذاكراً من قرأبها، وإليك بيان هذه القراءات:-
القراءة الأولى: بالنصب: {وَأَرْجُلَكُمْ} المائدة:٦
- وهذه قراءة: نافع - وابن عامر - والكسائي - وحفص عن عاصم - ويعقوب. (١)
- وفي توجيه هذه القراءة من جهة الإعراب، وجهان:-
١ - أن قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} منصوب بالعطف على قوله: {وَأَيْدِيكُمْ} وعامل النصب فيه هو قوله: {فَاغْسِلُوا}، وعليه فإن حكم الأرجل الغسل كالأيدي. والتقدير: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم).
وقد رد هذا القول: بأنه يلزم منه الفصل بين المتعاطفين بجملة غير اعتراضيه، لأنها منشئة حكماً جديداً، إذ ليس فيها تأكيد للحكم الأول. (٢)
وقد أجيب عن هذا الاعتراض: بأن النصب على التقديم والتأخير جائز في اللغة بلاخلاف، وله أمثلة كثيرة منها: قوله جل وعلا: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا} ثم قال: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى} طه:١٢٩ فعطف قوله: (أجل) على قوله: (كلمة) مع أن بينهما كلام فاصل.
فكذلك في الآية التي معنا عطف قوله: (وأرجلكم) على قوله: {وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} مع أن بينهما فاصل على التقديم والتأخير. (٣)
وقد كان هذا التقديم والتأخير في الآية، وإدخال قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} بين الأعضاء المغسولة، من أجل المحافظة على ترتيب الوضوء. (٤)
وقد دل على صحة هذا القول الأحاديث الصريحة الصحيحة في وجوب غسل الرجلين.
(١) انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع (٢/ ٢٥٤) وإتحاف فضلاء البشر (١١٩).
(٢) تفسير ابن عادل (٧/ ٢٢٣).
(٣) انظر: حجة القراءات لأبي زرعة (٢٢١) وإملاء ما من به الرحمن للعكبري (١/ ٢٠٩).
(٤) تفسير الشنقيطي - (١/ ٢٥٩).