ومثل: قراءة الأعمش لقوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} الذاريات:٥٨ بجر قوله: {الْمَتِينُ} لمجاورته لقوله: {الْقُوَّةِ} مع أنه نعت لقوله: {الرَّزَّاقُ}.
ومثل: قراءة حمزة لقوله جل وعلا: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} الواقعة:١٧ ثم قال: {وَحُورٌ عِينٌ} فجرهن بالمجاورة، وهن معطوفات في المعنى على قوله: {وِلْدَانٌ} لأنهن يطفن ولا يُطاف بهن.
ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قولهم: (هذا جحر ضب خرب) بجر: (خرب) لمجاورته للمجرور (ضب) وكان حقه الرفع لأنه صفة في المعنى لـ (جحر) لصحة اتصافه به، بخلاف (ضب) فإنه لا يصح اتصافه بقوله: (خرب). وبهذا يتضح لنا صحة الجر بالمجاورة. (١)
القراءة الثالثة: بالرفع: {وأرجُلُكُم} المائدة:٦.
- وهذه قراءة: الأعمش - والحسن بن أبي الحسن - ورويت عن نافع. (٢)
- وتوجيه هذه القراءة من جهة الإعراب:
أن قوله {وَأَرْجُلَكُمْ} مرفوع على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: (وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة). (٣)
الترجيح: وجميع هذه القراءات قد نزل بها القرآن جميعاً، ونقلتها الأمة تلقياً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يختلف أهل اللغة أن كل واحدة من هذه القراءات محتملة من حيث المعنى للمسح والغسل. إلا أن احتمال الغسل هو الصحيح لكون السنة الصحيحة دالة عليه. (٤)
وأما احتمال المسح فيمكن تأويله على النحو التالي:
(١) انظر: تفسير ابن عادل (٧/ ٢٢٤)، ومعاني القرآن للأخفش (١/ ٢٥٥) وتفسير الشنقيطي (١/ ٢٦٢)، وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٨٧).
(٢) انظر: تفسير ابن عطية (٥/ ٤٧) والحجة في القراءات السبع (٣/ ٢١٤)
وحجة القراءات لأبي زرعة (٢٢١) والسبعة لابن مجاهد (٢٤٢).
(٣) تفسير ابن عادل (٧/ ٢٢٨).
(٤) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٨٧) - وتفسير الشنقيطي (١/ ٢٦٠).