قوله تعالى: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨)} المائدة:٢٨
قال أبو جعفر الطحاوي: وقد كان له مده يده إليه ليدفعه عن نفسه لما أراد قتله، ولكنه خاف أن يرجع صاحبه عما كان همَّ به، ويتمادى هو في الدفع عن نفسه حتى يكون في ذلك تلف صاحبه بما يفعله به، فخاف الله عز وجل من أجل ذلك. ومثل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " (١) مع علمه - صلى الله عليه وسلم -: أن الله عز وجل لا يؤاخذه بما لا يملك، ولكن على التوقي من الزيادة فيما لا يملك حتى يدخل به فيما يملك.
(شرح مشكل الآثار -١٠/ ٢٧٩)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي السبب الذي من أجله قال المقتول لأخيه القاتل: {مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} المائدة:٢٨ وهو أن المقتول خاف أن يتراجع البادئ بالقتال عن الرغبة في قتله، ويتمادى هو في الدفاع عن نفسه فيكون هو القاتل المستحق لعذاب الله جل وعلا، فكان الخوف من عذاب الله جل وعلا مانعاً له من الإقدام على الدفاع عن نفسه، مع أنه جائز في حقه.
وإليك بيان أقوال المفسرين في السبب الذي من أجله قال المقتول لأخيه القائل: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} المائدة:٢٨:
- القول الأول: أن المقتول قال هذه المقولة لأنه كان من شرع آدم عليه السلام، أن من قُصد بالقتل فواجب عليه الكف عن الدفع والصبر على ما يصيبه.
(١) أخرجه الترمذي في سننه - كتاب النكاح - باب ما جاء في التسوية بين الضرائر- (ح ١١٤٢ - ٥/ ٧٩) والإمام أحمد في مسنده (٦/ ١٤٤).