- وهذا قول: مجاهد - والحسن. (١)
- القول الثاني: أن المقتول قال هذه المقولة إعلاماً منه لأخيه القاتل أنه لا يستحل قتله لا ابتداءً ولا مدافعة. (٢)
وقد كان له الدفاع عن نفسه، ولكنه خاف أن يتراجع البادئ بالقتال عن مراده، ويتمادى هو في دفعه حتى يقتله، ولهذا فضل أن يكون هو المقتول لا القاتل، مختاراً طريق الصبر على المصيبة طلباً للأجر من الله جل وعلا.
ومما يؤيد صحة موقف هذا المقتول:
ما ثبت في الصحيحين عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " (٣)
- وهذا قول: ابن عباس - وعبد الله بن عمرو - وعكرمة. (٤)
الترجيح: والراجح هو القول الثاني، لأن الله جلا وعلا قد كان حرم عليهم قتل نفس بغير نفس ظلماً، وأن المقتول إنما قال لأخيه تلك المقولة لأنه كان محرماً عليه من قتل أخيه مثل الذي كان حراماً على أخيه القاتل من قتله.
فأما الإمتناع من قتله حين أراد قتله، فلا دلالة فيه على أن القاتل حين أراد قتله، وعزم عليه، كان المقتول عالماً بما هو عليه عازم منه، ومحاول من قتله، فترك دفعه عن نفسه. بل قد ذكر جماعة من أهل العلم أنه قتله غيلة، اغتالة وهو نائم، فضرب رأسه بحجر كبير فقتله.
(١) انظر: تفسير السمعاني (٢/ ٣٠) - وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٦٣).
(٢) تفسير السعدي (٢/ ٢٧٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الإيمان - باب (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) سورة الحجرات -٩ (ح ٣١ - ١/ ٢٠)
وابن ماجة في سننه - كتاب الفتن - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما - (ح ٤٠١٢ - ٢/ ٣٧١).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٣٢) - وتفسير السمعاني (٢/ ٣٠) وتفسير أبي حيان (٤/ ٢٢٩).