- وهذا قول: ابن عباس - ومجاهد - وطاووس - وسعيد بن جبير - والزهري - وسالم بن عبد الله - والقاسم بن محمد. (١)
وإليه ذهب: داود الظاهري - والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه. (٢)
- ومن أدلة هذا القول:
١ - أن الأصل براءة الذمة، فمن ادعى شغلها فعليه الدليل. (٣)
وقد رد هذا الاستدلال: بأن الكتاب والسنة قد دلا على وجوب الجزاء على المحرم القاتل للصيد خطأً، وقد تقدم بيان ذلك.
٢ - أن الله جل وعلا قال:: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} المائدة:٩٥ فخص المتعمد بإيجاب الجزاء عليه، فلو شاركه المخطئ والناسي في الوجوب لم يكن للتخصيص معنى. والذي يؤكد هذا المفهوم: أنه جل وعلا قال في آخر الآية: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} المائدة:٩٥- (والإنتقام) إنما يكون في العمد دون الخطأ، وقوله: (ومن عاد) المراد منه: ومن عاد إلى ما تقدم ذكره، وهذا يقتضي أن الذي تقدم ذكره من القتل الموجب للجزاء هو العمد لا الخطأ. (٤)
وقد رد هذا الاستدلال بما يلي:
أ - أنه ليس في تخصيص المتعمد بالجزاء في الآية دليل على نفي هذا الجزاء عن غيره، لأن في هذا تمسكاً بالمسكوت عنه، وهذا لا يجوز.
ب - أن تخصيص المتعمد بالذكر في الآية دون المخطئ، مع أن حكمهما واحد من حيث وجوب الجزاء عليهما، يحتمل أن يكون تخصيصاً من أجل أحد الأمور التالية:
(١) تفسير الطبري (٥/ ٤٣) - وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٦٠).
(٢) انظر: تفسير الماوردي (٢/ ٦٧) - وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٧٨).
(٣) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٧٩).
(٤) تفسير الرازي (١٢/ ٨٨).